الفصل 12 من رواية الابنة المزيفة


" يولد الانسان مرتين ، مرة حين يأتي الى هذا العالم ومرة حين يقع في الحب "
عم صمت ثقيل في الغرفة ، كلاهما ينظران إلى بعضهما البعض،  شعر أدم برغبة عارمة في احتضانها لقد شعر بالخوف ، لأول مرة في حياته شعر بالخوف ينهش قلبه من فكرة أن تتأذى هذه الصغيرة ،لم يتوقع ان الامور يمكنها ان تسوء الى هذه الدرجة ، لقد عاش لمدة عشر سنوات لوحده تماما ، بدون مسؤوليات اتجاه أي شخص ، و الان بين ليلا  و ضحاها  اصبح لديه فتاة صغيرة يهتم لأمرها ، تنهد بثقل ، و كأنه يحمل هموم الارض فوق كتفيه و اخفض رأسه قائلا : لقد تعبت ....

لم تتحدث هي بل قامت بجذبه نحوها ،  وضع رأسه على قدميها و احتضن خصرها قائلا بارهاق : لم يكن من المفروض أن يحصل هذا، لقد وعدتك أن كل شيء سيكون بخير  و لم افي بوعدي كالعادة ...
وضعت يدها على شعره قائلة بنبرة حنونة و متنهدة بتعب : لا بأس ... مر كل شيء،  انا بخير ، و انت  كذلك ... صحيح ؟ 

لم يجبها بل شد يديه حول خصرها أكثر ، و أطبق الصمت على الغرفة للحظات ، سمع أدم صوت خطوات قادمة ، فعدل من نفسه سريعا ....

فتحت زوليا باب الغرفة بهدوء لتجد أدم قريبا من ليلا ، ابتسمت هذه الأخيرة بتوتر ، لتقول زوليا بهدوء : كيف حالك عزيزتي ؟
حافظت ليلا على ابتسامتها الودية قائلة بتوتر : جيد ... اقصد أنني بخير ... كيف حال كل شيء ؟ و ماذا حدث ؟
في لحظتها فقط تيقظت ليلا أنها لم تسأل ادم عن ما حدث بالضبط ، كعادته كان يجيد كيف يشتت افكارها ، قالت زوليا  بنبرة رسمية و هي تنظر بعيدا نحو النافذة و كانها تهرب منها  : عزيزتي ، هذه الامور من الممكن ان تحصل ... نحن عائلة كبيرة ... لكننا بالتأكيد لن نسمح بحصولها مرة أخرى ... 

كانت يد أدم قد شقت طريقها من تحت الغطاء نحو أعلى قدم ليلا ، و بدأت تشعر به يزحف أكثر و أكثر نحو انوثتها ، نظرت له بتهديد ، لكنه لم يهتم بنظراتها التي تقدح شرارا ، بل قام بزيادة الضغط أكثر و أكثر ، تأوهت بخفوت ، ليسحب هو يده سريعا ، سألتها زوليا باهتمام بعد أن لفت اهتمامها احمرار وجه حفيدتها : ما بك يا عزيزتي ؟ 

ردت  ليلة بنفس متقطع وصوت مبحوح  : فقط اشعر بالتعب ... 

تمالك هو نفسه بقوة فقد بدت هو في غاية الاثارة و ود لو عبث بأنوثها كما يريد ، لكنه في لحظتها أراد ان يخرج امه فقط كي لا تتهور و تقول أشياء لليلا ، فهو حريص ان تبقى خارج المشاكل ، يكفي ما حصل لها ...

عبث أدم بشعرها بشفقة مزيفة : حلوتي الصغيرة متعبة ، لا بأس لنتركك لترتاحي و غدا سوف نتحدث  ... 

نهض من مكانه مقتربا من أمه قائلا لها : لندعها ترتاح أمي ....

هزت زوليا رأسها موافقة و اقتربت من ليلا مقبلة جبهتها : نامي يا صغيرتي ، و غدا سوف نتحدث جيدا ... 

هزت ليلا رأسها بالموافقة ، ابتعدت زوليا خارجة من الغرفة و لحقها أدم الذي قبل أن يخرج قبل اصابعه امامه تذكيرا لها بما حدث ، اغلق الباب و شعرت ليلا بوجهها يكاد ينفجر من الحرارة ، لعنته كثيرا ، لكنه حرك بداخلها أمر ما ، امرا لازلت تجهل ماهو
--------------------------------------------------------------------

تحسست ماريا سريرها في غرفة الخدم ، كانت بعض اللمحات من الماضي البعيد تزورها على غير العادة ، بدت لها انها تهذي من سعادتها انها استطاعت القيام بأول مهمة لها ، فتلك الاحلام كما تسميها هي اعتادت ان تزوها من حين ال اخر ، لكن ان تختلط بالواقع هذا امر لم تعتد عليه نهائيا ، ماذا لو انها تهلوس ، نفضت عن رأسها هذه الافكار و قالت لنفسها : ركزي يا ماريا نحن هنا من أجل مهمة محددة لننهها و نذهب من هنا ....

حاولت اقناع نفسها بهذه الكلمات ، كي تنهي هذا الصراع الذي يدور في رأسها ، اغمضت عينيها مجبرة نفسها على الخلود الى النوم لكنها لم  تستطع ، بل بقيت حبيسة افكارها ...
شعرت بهاتفها يهتز معلنا وصول رسالة من كارلو و انه قادم الى القصر ، بعتت له برسالة انها تركت له ورقة في مزهرية معينة فيها كل المعلومات المطلوبة  ... 

-------------------------------------------
كانت سيلفيا جالسة في سريرها تفكر فيما حدث في تلك الحفلة، حتى انظم إليها خوان قائلا بعصبية مزيفة : لقد أخبرتك أن تلك العائلة خطيرة ... لكنك لم تستمعي الي و ذهبتي إلى الحفلة و ...
بدون أن تلتفت إليه قاطعته  : انت من فعلت ذلك
هز رأسه بإنكار محاولا الدفاع عن نفسه  ، لكنها سبقته : تريد منع تلك العائلة من الاتحاد ، لأنها ستفسد أعمالك ...سمحت لي بالذهاب كي تكون ذريعتك  حين يتم توجيه أصابع الاتهام اليك....
لم يجد مخرجا ليقول بتأكيد: لن اسمح لفيليب أن يدمر كل ما سعيت من أجله و أجل عائلتنا في العشر سنوات الماضية ، لكنني كنت حريصا أن لا يصيبك مكروه ، ما كنت لأتحمل الحياة دونك ...
رددت ورائه بسخرية : عائلتنا،  كلمة جميلة جدا يا خوان ، اتعلم معناها... انا بت اعلم معناها جيدا ...
تلمس خصلات شعرها بحنان: حبيبتي ، اعتقد ان ما حدث أثر فيك جدا ....
تذكرت حفيدة ميديتشي التي كانت تحمل نفس الوحمة في رقبتها مثل ابنتها و قالت بشرود: بالفعل لقد أثر بالفعل..
شعرت به يقترب منها قائلا: دعيني اعوضك عن كل شيء مررت به اليوم ....
أشارت له بيدها بأن يبتعد ، و التفت إلى الناحية الأخرى كي تنام : لا داعي ، قليل من النوم يكفي .....
شعر خوان بالتحقير من زوجته ، دائما ما يرواده هذا الشعور ناحيتها فهي دائما غامضة لا تكشف إلا عما تريد هي ، ربما هذا هو سبب حبه الكبير لها،  كان يحتاج إلى امرأة مثلها في حياته ، و يعترف أنها لها فضلا كبيرا في كل ما هو عليه الآن،  و حتى عندما تعارضه او ترفضه يجد نفسه متقبلا للأمر،  و حتى مع تمنعها عنه معظم الوقت  لم يخونها أبدا ، كان تعظيمه لها أكبر من أن يخونها حتى و لو في ذاكرته...

استدار هو الاخر إلى الناحية الأخرى و غرق في سبات عميق ، هانئ البال بأنه استطاع اخافة ال ميديتشي دون أن يكشف أمره...

اما هي فعادت بذاكرتها إلى سنوات بعيدة ، في ذلك البيت القديم في أطراف ميلانو ، حين كانت تعيش مع حبيبها الاول  و ابنتها،  لم تكن تلك الحياة التي تمنتها ، لم تكن تلك الحياة التي وعدها بها حبيبها الذي هربت من بيت اهلها من أجله،  الذي ضحت بكل شيء في سبيل أن تكون معه،  خاصة أنها كانت من عائلة مرموقة في ميلانو ، تذكر كيف كان يعاملها في الشهور الأولى عندما انتقلا للعيش معا  كان لطيفا و محبا بدا لها ذلك البيت الصغير قصرا من السعادة رغم صغر حجمه ، لكن كل شيء تغير حين اكتشفت حملها ، تغير معاملته لها ، و ذهب كل ذلك الحب في مهب الريح  ، اصبح يعاقر الخمور و مدمنا للقمار ، في تلك اللحظة تكورت داخلها فكرة أن ابنتها سبب تعاستها ، لم تستطع أن تحبها أو تعاملها جيدا ، حتى أن حبيبها رفض أن يتزوجها و اكتفى بوضع الفتاة على اسمه فقط، قبل أن تهرب  من البيت بفترة كانت قد التقت بإحدى قريبتها  في أحد الضواحي و التي نقلت إلى عائلتها حالة سيلفيا المزرية،  و ربما رق قلبهم لها و ارادوا لها أن تعود ، لكن سيلفيا رفضت بشدة ، و في تلك الليلة المشؤومة رجع من سهرته و بدأ شجارهما المعتاد ، لكنها في منتصف الشجار صرخت به " سأعود الى اهلي و لن ترى وجهي مجددا " صفعها بقوة الى ان وقعت أرضا ، شيء ما كسر بها ، ليس قلبها فقط بل روحها  ... 

هنا انتهى كل شيء ، لا تذكر كيف مشت كل تلك المسافة الى بيت والديها ، لكن كل ما تتذكره هو انهم أخدوها في احضانهم و اعتنوا بها ، فقد كانت في حالة نفسية مزرية بسبب ما عانته خلال سنوات مع والد ابنتها ، استغرق الامر وقتا طويلا من العلاج النفسي كي تستطيع استعادة حياتها ، و الحقيقة انها لازلت تعاني احيانا من اعراض الاكتئاب ... 

بعد زواجها لم تحس برغبة في الانجاب ، و خوان كانلديه اولاد بالفعل لذلك لم يجبرها ، جزء منها بقي متعلقا بابنة لم تكن اما حقيقية لها ، و الحقيقة انها حاولت البحث عنها منذ سنوات مضت لكنها لم تجدها في ذلك البيت القديم ، لذلك استسلمت و لم تبتحث عنها مجددا ، لكن رؤية ابنة أدم افاق العديد من المشاعر لديها حتى انها تفكر في القيام بزيارة لعائلة مديتشي علها تجد بعض العزاء في تأمل ملامح تلك الفتاة فقد كانت غير ظاهرة بسبب القناع ........ 

----------------------------------------------------

دخل ادم مكتبه بعصبية بعد أن تم اخباره بزائره ، كان ذلك كارلو جالسا باسترخاء شديد على الكرسي المقابل للمكتب ، جلس أدم بهدوء شديد عكس العاصفة التي تحوم في عقله ، بدأ كارلو كلامه ملل  و هو يخرج مفكرته قصد ملأ بعض المعلومات : لقد حصل هنا انفجار سيد مديتشي ، من تظن انه ورائه ؟ 

رد أدم ببرود : احد المحركات انفجر فقط لا أحد وراء ذلك ، انه مجرد حادث ...  

غمغم كارلو : مجيئك الى هذا العالم هو الحادثة ....

استرسل أدم في الحديث مجددا : احذر جيدا يا سيادة الضابط فقد كثرت الحوادث حولنا في هذه الفترة ، لا أحد يعلم من هو القادم 

ابتسم له كارلو بثقة : بالتأكيد ،لا احد يعلم من هو القادم ....

تأكد له شكه ، كارلو يخطط لشيء ما و قد بدأ بتنفيذه بالفعل ، انه يرى بفضوح شرارة الانتقام في لمعة عينيه ، كرر كارلو بعض الاسئلة الروتينية على مسمع أدم الذي ود لو قلته في لحظتها ، لكنه هنا في مهمة رسمية و مع الحادث الذي حصل حتى علاقته مع الشرطة لن تجدي أي نفع ... 

لذلك تريث ، بضع دقائق و انتهى كارلو من اسئلته لكنه لم يقاوم يعبث باعصاب أدم فسأله : كيف حال ابنتك ؟ 

رد ادم باقتضاب : بخير ... 

قال كارلو بشفقة مزيفة : المسكينة لابد ان هذا صعب عليها ... 

اخبره أدم بنبرة مهددة : دع عائلتي خارج الموضوع .. 

رد كارلو بتحدي : أرايت كيف ان الايام تدور و كيف انك الان في نفس الوضع الذي وضعت فيه ناس كثيرة 

ابتسم أدم بسخرية : انا لم اضع أي أحد في وضعية ، الكل مسؤول عن اخياراته ، و اذا كان من ضمن اخياراتهم ان يقرروا قرارات يضر بهم و تدمر عائلتهم فتلك مشكلتهم ليست مشكلتي .. 

هز كارلو رأسه بتفهم مزيف بينما هو يمشي نحو الباب ، قال مودعا أدم الذي بدا سعيدا انه سيتخلص منه : نتلقي قريبا  ادم ، قريبا جدا ..... 

لحظات و دخل فيليب قائلا برسمية : انه خوان ... 

هز أدم رأسه بدون ان يتفاجأ : لكن هناك من حرضه لهذا ، خوان اجبن من ان يفجر مفرقعات فمابالك بقنبلة 

قال فيليب بسخرية : ربما يظن أن القط انه اصبح اسد في غياب الاسود الحقيقية ....لكن هناك مشكلة خوان متزوج من ابنة رجل  ذو نفوذ مهول ، الحرب معه لن تكون سهلة ... 

اراح ادم رأسه و قال بارهاق : لنبدأ ببعض الالعاب الخفيفة ، لنختبر مدى الدعم الذي سيتلقاه 

وافقه فيليب و هو يرتاح على كرسي : معك حق 

مازحه أدم  بنبرة جافة : انت من أردت العودة يا رجل ، ميلانو لا تخلو من المشاكل .... 

رد فيليب باقتضاب : لدي سبب يجعلني احارب العالم كله و ليس عائلات المافيا فقط ...

----------------------------------------------------------

جلست الفتيات في جلسة مليئة بالنميمة ، فقد مر وقت طويل منذ ان حدث شيء مهم  في ميلانو ، و بالتأكيد عائلة ميدتشي صنعت الحدث الليلة ، قالت احدهن : تلك ليلا بارعة الجمال ، ما ان تتم الثامنة عشر انا متأكدة ان والدها سيجعلها تتزوج من رئيس اقوى عائلة في ايطاليا كلها .. 

اضافت اخرى " من المتوقع ان تكون بهذا الجمال ، الم تري أدم و فتنته ، ادفع حياتي كلها لليلة في احضانه " 

قالت احدهن بشرود : الحرب على وشك ان تقوم ، و انتن تتحدث عن جمالهم ، لا اصدق هذا ... 

قالت اخرى بملل : والدي اخبرني ان ادم لديه اتفاقية مع باقي العائلات ، تفجير القنبلة بالتأكيد عمل فردي ... 

عادت الاولى للحديث مرة اخرى : انا ايضا لدي هذا الاحساس ، لكنني اشعر بالاسف لابنته ، كنت لانزعج اذا حصل هذا في حفلتي .. اتظنون أنهم سيقومون حفلا أخر ... 

قالت اخرى بحماس : لكنها كانت حفلة رائعة من ناحية الديكور ، تشبه حفلة لوكريسيا السنة الماضية 

تناست الفتيات الامر الاهم و ظلت كل واحدة منهم مركزة على تلك التفاصيل التافهة ففي النهاية كانت تلك التفاصيل هي اقصى طموحتهن ......

--------------------------------------------------------------

عل جانب أخر كان مجموعة من الرجال سبق لنا و انا استرقنا السمع لحديث لهم مجتمعين لكن ينقصهم رجل واحد ، خوان ، هذا الاخير الذي فضل العمل مع جهات اخرى من اجل تحقيق مصالحه ،تحدث الرجل العجوز بقلق : خوان غبي للغاية ن لقد ورط نفسه 

رد عليه أحدهم : ما اكان ليقوم بمثل هذه الحركة لو انه لا يملك حماية جيدة لنفسه و لعمله ... 

أكد شخص ثالث : خوان يعتمد كثيرا على عائلة زوجته ، عكسنا نحن الذين نعتمد على انفسنا فحسب لذلك هو واثق من نفسه ... 

عم الصمت قليلا ، ثم كسره شخص رابع قائلا : عائلة مديتشي لن تسكت بالتأكيد علينا الاجتماع بفيليب و وضع نهاية لهذا ، اذا كان خوان يمتلك ما يحميه نحن ايضا علينا ضمان حماية لانفسنا 

وافق الحضور على كلام الرجل ، ففي النهاية لا أحد وقف في السابق في وجه عائلة مديتشي و نجى بحياته ....

--------------------------------------



تعليقات

  1. شكرآ على الفصل الرائع متى الفصل القادم ❤🫂

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفصل 13 من رواية الابنة المزيفة

الفصل 14 من رواية الابنة المزيفة