الفصل 15 من رواية الابنة المزيفة
-----------------------------------------------
دقائق تفصلنا على حصول تلك الكارثة العظمى ، كارثة لا تقع الا كل بضع سنوات ، ان تبيد عائلة مافيا بأكلمها هي خطوة جريئة للغاية من خوان ، خطوة ما كان ليفعلها وحده بالتأكيد دون مساندة والد زوجته ..
لنعد قليلا الى ادم ، كان يقود بعيدا عن ذلك المطعم ، كل ما يتخيل هو وجهها الملائكي ، لقد أسرته بالفعل ، في البداية ظن انها مجرد ذلك الشكل الجميل ، و ذلك الجسد الرائع لكنها أكثر من ذلك بكثير ، لقد غامرت بكل شيء في سبيل رجل لا تعرفه ، و يدرك أنها لم تفعل ذلك خوفا منه بل فعلت كل ذلك لأنها ارادت ذلك ..
مر بذاكرته كيف تقبلت حقيقة انه من المافيا ، و لم تتقزز منه او تفر هاربة منه ، بل بقيت ، في كل مرة كان يظن انها سوف تنفر منه ، تثبث له العكس تماما ، كلماتها الرقيقة ، دعمها المتواصل ، من أي شيء صنعت تلك المرأة ، كانت ملاك بهيئة بشرية ، حتى جمالها المميز ، كل هذا النعيم سوف ينتهي غدا ...
لا بأس سوف يجعل الليلة مميزة بالنسبة لهما ، سوف تكون ليلتهما الاخيرة و سوف يحرص على أن تكون الاروع ، و سوف يعمل انه تنتقل الى مدينة صغيرة و قريبة منه ، سيزورها دائما ، لن يتخلى عنها بالتأكيد ، لكن ماذا لو انها لا تريده في حياتها ...
شعر بالغضب الشديد ، و وجد نفسه يتحدث بصوت مسموع : حسنا لن يكون خيارها ، لقد ملكتها منذ وقعت عيني عليها ، و سوف تبقى ملكي الى الابد ...
-----------------------------------------------------------------
يا له من منظر رائع ، الرجال يحتسون المشروبات الكحولية في هرج بينما يتبادلون أطراف الحديث ، فتيات و شبان العائلة يقومون بالرقص و المرح ، ام السيدات ففضلن الجلوس و مراقبة كل شيء مع التعليق على كل التفاصيل .....
اقترب فيليب من زوجته و احاط خصرها بيده ، لتريح هي رأسها على كتفه ، قال لها بنبرة هادئة بينما وجه كلاهما نظرهما نحو ليلة التي كانت ترقص : اريد ان احتفظ بهذه الذكرى الى الأبد ، الان فقط احس انك حياتي اكتملت ..
نظرت هي اليها و قبلت خده الاقرب ليها : سوف تعود الينا في العطلة القادمة ، و سوف تكون الاجواء أهدأ بكثير
هز بر أسه موافقا و قال : الا تريدين الرقص ؟
لكزته بخفة : لقد كبرنا على الرقص يا عزيزي
تأملها بحب شديد قائلا : لن أكبر يوما عن حبك ...
كان كل شيء مثاليا للحظات ، للحظات فقط اكتمل كل شيء ، لكن هذا لم يدم قليلا ، قطع هذا التناغم صوت الرصاص من الخارج ، و قبل أن يدرك رجال العائلة ظاي شيء ، كان مجموعة من المسلحين قد حاصروا القاعة كلها ، كانت ليلة بطريقة ما قريبة من أطراف القاعة مما سمح لأحد الرجال بتكميم فمها بمنديل مخدر و سحبها الى الخارج دون ان ينتبه أي أحد ، أقل من ثوان من كان المسلحون يضربون النار بطريقة عشوائية ، اخترق الرصاص أجساد كل الموجودين ، لم يتركوا أي جسد سليم حتى يتأكدوا أن الجميع قد مات ، لكن أحدهم قد لاحظ امرا ما ، اللعنة ل أثر لجسد أدم و ليلا ميدتشي ، تحرك مسرعا كي تخبر رئيسه بذلك ، فهذه كارثة بالفعل ، كيف لم يلاحظ أي من الذين كانوا يراقبون المطعم ان أدم قد خرج ، و الحقيقة ان أدم كان قد قام بركن سيارته في منتجع قريب حيث تجهزت ليلا مع بنات العائلة من أجل الاحتفال ، و فضل تركها هناك ، و حين خرج اتخد باب جانبيا يربط بين المطعم و المنتجع ، ولا يراه أي أحد من الخارج ... اما ليلا ، فبسبب كثرة الابواب و النوافذ و كذلك اكتظاظ القاعة لم ينتبهوا الى اختفاء ليلا بواسطة رفيقهم ...
- اللعنة ، ماذا تقول ؟ كيف ذلك ؟ انسحبوا من هناك فورا ، لا تتركوا أي أثر ورائكم ....
كانت تلك الجملة الوحيدة التي قالها خوان لرجاله ، بدأ الخوف يتسلل الى اعماقه ، فهو لا يعلم أين هو أدم و ابنته ، و فرصة ان يجده و يقتله قبل ان يعلم بمقتل عائلته ضعيفة للغاية ، فكيف له أن يفعل هذا و هو لا يعلم أين هو اصلا ؟
لقد انتهى امره هذه المرة فأدم لن يرحمه بالتأكيد ...
-------------------------------------------------
كانت سيلفيا على اعصابها و هي تحاول التماسك و عدم اظهار قلقها امام امها التي قررت أن تأتي لزيارتها ، في الواقع هذه حياتها المعتادة ، لكن اليوم كان مختلفا ، كانت تدعوا الله في سرها ان يحفظ ابنتها من كل سوء و ان يستطيع رجلها ذلك أن ينقذ ابنتها ، نعم كان لديها شعور قوي ان تلك هي ابنتها و لا أحد يمكنه اقناعها بغير ذلك ..
كانت نورا تلاحظ توتر ابنتها المبالغ فيه ، و بدأت تحس أن هناك خطبا ما لكنها فضلت البقاء صامتة ..
ثوان أخرى و وصلتها رسالة من ذلك الحارس يطمئنها أن الفتاة معه و سيأخدها الى المكان الذي اتفقا عليه ، زفرت في راحة حين علمت ذلك ، رفعت نظرها لتقابلها نظرات والدتها المستفهمة ، قالت سيلفيا بتوتر : سأذهب لأرى خوان ..
هزت نورا رأسها بايجاب على قول ابنتها التي انصرفت مباشرة ، اقتربت سيلفيا بهدوء من مكتب زوجها و سمعت صراخه الشديد ، و استنتجت ان خطته العبقرية لم تسري كما يجب ...
بعد نصف ساعة
كان أدم يحرص على نقل كل البضاعة بامان ، ليتلقى ذلك الاتصال الذي جعله ينفصل عن العالم ، وقع هاتفه ارضا و هو يحاول ان يستوعب ما حصل ، لا يعلم كيف استطاع الوصول الى ذلك المطعم ، كانت الشرطة هناك بالفعل ، و اكياس جثث في كل مكان على الارض ، و هناك من يتم نقلهم على متن تلك الناقلات من طرف المسعفين ، اقترب بصدمة من أحد الجثث ، كانت لوالدته ، لقد كانت مليئة بالحياة منذ وقت قليل ، من اقل من ساعة فقط كانت تخبره ان لا يتأخر في العودة ، و قبلها كانت تخبره عن مدى سعادتها خلال الايام الماضية ...
الان هي جثة خالية من الحياة ، تجمعت الدموع في عينيه ، لم يدر ماذا يفعل ، او ما يقول ، يشعر ان قلبه على وشك ان يتوقف ، و ان تنفسه بات ثقيلا للغاية ، كان جاثيا على ركبتيه امام جثتها يحاول أن يقنع نفسه ان هذا مجرد كابوس ، حينها لمح جثة والده بجانبها ، كشف عن وجهه المغطى ، و حينها لم يتمالك دموعه و انهمرت ...
كان رجال الشرطة يشاهدون ذلك المنظر في صمت ، لم يتجرأ أي منهم على قطع تلك اللحظات ، لكن احدهم استجمع جرأته و اقترب بهدوء و همس بخوف شديد لكن تلك المعلومة لا تحتمل التأجيل : سيدي أدم ، ان جثة ابنتك مفقودة ... مما يعني انها من الممكن جدا ان تكون حية ...
كانت تلك الكلمات بمثابة صاعقة ، لأن اول ما تبادر الى ذهنه ان من فعل هذا ، يود اختطاف ليلا من أجل أن يضغط عليه بطريقة ابشع و يضمن انه لن ينتقم منه ...
ان تفقد فردا من عائلتك شيء ، و ان تفقد عائلتك كلها في يوم واحد شيء أخر ، حسنا هو لم يكن مقربا من بقية العائلة لكنهم بالتأكيد كان لهم مكانة كبيرة في قلبه بل و اراد العمل معهم و استعادة كل شيء ... لقد اراد ذلك فعلا
لكن القدر لم يمنحه فرصة ، مسح تلك الدموع التي سقطت من عينيه ، و استعاد ملامحه الصارمة ، انصرف من المكان دون ان تنظر خلفه ، لانه يعرلم انه اذا نظر خلفه مرة واحدة سوف يتم ينهار ، و هو لا يود ان ينهار ليس الان على الاقل ...ز
---------------------------------------------------
كان كارلو مصدوما مما سمعه ، لقد تم ابادة عائلة مديتشي كلها ، لم يكن ليحلم بذلك حتى في اجمل احلامه ، لكنه لم يكن يشعر بالسعادة ، ربما لان تدمير أدم كان حلمه الاعظم ، فربما معرفة ان شخصا اخر قد سرق منه هذه المتعة قد ازعجه قليلا ...
لكنه تساءل عن هوية هذا الشخص او هؤلاء الاشخاص ، على الاغلب انه كثر و الا ما كانوا لتجرأوا على فعل ذلك
ما زاد الطين بلة هو عدم قدرته على الوصول لماريا ، عليه سحبها من القصر فورا ، فأدم سوف يبدأ في التفتيش وراء كل شخص و لن يستغرقه الامر كثيرا قبل ان يعرف انه وراء زرع ماريا لتتجسس على عائلته ، بل و ربما يذهب به الامر الى الاعتقاد انه من فعل ذلك بعائلته
شعر كارلو بالذعر الشديد ، و بدأ التفكير في طريقة للوصول الى ماريا قبل ان يضع ادم عليها ... المسكين فقط لو انه علم انه قام بحفر قبره بيديه فهو لم يقم فقط بجعل ابنة ادم الحقيقية جاسوسة على والدها بل قام بجعلها تعمل في بيت الدعارة في المقام الاول ...
------------------------------------------
كانت ماريا تبكي في صمت شديد ، شعرت باليأس مما تعانيه الان ، حاولت ان ترجع بذاكرتها قليلا الى الوراء لكنها لا تتذكر أي شيء مفصل ، لديها لمحات عن ذكرياتها في منزل كانت تعيش به مع مجموعة من الفتيات ، و كان المنزل يتغير كل فترة ، و الفتيات يتغيرن ايضا ، ثم في أحد الايام تم اخيارها للعمل في بين للدعارة ، لم يكن عمرها قد تجاوز الرابعة عشر وقتها لكنهم اخبروها ان عمرها ستة عشر سنة ، كانت تتقزز من نظرات الرجال لها ، الى أن اتى كارلو ، كان لطيفا للغاية ، منحها الامان الذي كانت بحاجة اليه ، رغم انه كان عنيفا في معظم الوقت ، و يفرغ غضبه فيها باستمرار لكنها طفلة ، ماذا تعلم عن الرجال ؟ ماذا عن العلاقات السامة و هي لم تربطها علاقة ببشر لسنوات عديدة ...
رغم انها كانت تشعر بالاهانة من معاملة كارلو لها ، لكنه كان يجيد كيف يستميلها مجددا ، و يجعلها تنسى غضبها و حنقها منه ، لكنها هذه المرة لن تنسى ، لن تنسى كيف اوقعها في هذا الوضع
كيف انها تشعر بالخوف يتسلل الى اعماقها و يقتات من روحها و هي تظن ان أدم قد كشف امرها و انه سوف يقتلها بالتأكيد ، لقد حسمت امرها ، سوف تخبر أدم بأمر كارلو ، لن تذهب الى الموت وحدها ، فان لا بد أن تذهب ، فسوف يذهب كلاهما ..
تلوم نفسها على غبائها و تصديقها لكارلو ، مسحت دموعها و بدأت في التفكير في كيفية لاستعطاف أدم ، وربما تستبدل ولائها له و تمنحه معلومات عن كارلو عل ذلك يشفع لها و يطلق سراحها ...
تفكير بسيط ملائم لعقل طفلة لم لا تتذكر من طفولتها شيئا يذكر ، و تم انتهاك جسدها و روحها من طرف رجل مريض مثل كارلو ....
لو انها تعلم فقط ان عائلة كانت تحبها للغاية قد اصبحت تحت التراب ، واان امها تقبع في مستشفى للامراض العقلية بعد أن فقدت قواها العقلية نتيجة لصدمتها و ان لها ابا ، اب يحبها للغاية لكنه مجروح أكثر من اليوم الذي فقدها فيه
لكنها لا تعلم كل هذا ، لكنها ربما قد تعلمه في القريب ....
---------------------------------------------------
استيقظت ليلة من اغمائها في مستودع ما ، حاولت الحركة لكنها كانت مقيدة ، بصعوبة تخلصت من ذلك الدوار الذي يلازمها و تعرفت على المكان ، حاولت تذكر ما حدث ، الحفلة .. المطعم ... كانت ترقص .. ثم فجأة هجموا على الحفلة .. ثم رجل يكممها ،ثم ماذا ؟ ثم ظلام دامس حل بها ، لا تدري ما حدث بعد ذلك ؟ كل ما ظلت تفكر به هو أدم ، ترى أين هو ؟ و هل يعلم انها اختفت؟ و هل سيهتم أصلا ؟
لقد حصل هجوم على عائلته الاكيد انهم خطفوا افراد اخيرين ، و الاكيد انه سيهتم بيهم ، و ليس بممثلة مثلها ، سخرت من نفسها لتفكيرها انه سوف يحاول انقاذها ، لكن جزء منها يريد تصديق ذلك ، يريد تصديق انه لن يتخلى عنها
لقد لامست فيه صدق مشاعره ، افعاله كانت تدل انه يكن لها شيئا ، ربما ليس شعورا عظيما لكنه شعور في النهاية ...
هي ايضا تكن له شعورا ما ، شعور يجعلها لا تفكر ، ولا تأمن بغيره ....
انسابت دمعة من اعينها ، لقد ظنت انها لن تراها مجددا بدأ من الغد ، و ليس بدأ من اليوم ، لو علمت انها لن تراه مجددا لقبلته بقوة حين رأته لأخر مرة ، لعانقته بقوة و استنشقت رائحته التي اصبحت ادمانا لها ...
لكن الاوان قد فات ، فنحن لا نندم على شيء الا بعد فوات اوانه ، تعال بكائها المقهور أكثر و أكثر ، في انتظار مصيرها ، واي مصير فهي ابنة زوجة من خطط لكل هذا ...
--------------------------------------------------
كان خوان قد امر من قبل باحراق كل مصانع و سفن و ممتلكات ال مديتشي كي يضمن انه محى كل اثر لهم ، و حتى لم يحاول ان يتولي عليهم لنفسه لانه يعلم ان رؤساء العائلات لن يرضوا بذلك ، وان حاول ان يقسم كل تركة ال مديتشي فلن يرضى اي احد بما يأخد و سوف يطمع بالمزيد ، لذلك راى ان تدمير كل شيء هو الافضل ، لكن أدم كان قد تفطن لذلك بالفعل و قام بجمع كل المسلحين و الرجال الذي قام بخوان بتوظيفهم و حرقهم احياءا
كان مشهدا مخيفا للغاية ، عشرات الرجال يصرخون بهستيرية من الالم ، منهم من يطلب الرحمة ، و منهم من يستنجد بالله ، و منهم يصرخ بحسب ، كل هذا و أدم يراقبهم في صمت شديد ، لم تهتز شعرة منه بل ان دققت أكثر سوف ترى نظراته القاتمة ، كأن الشيطان تجسد في هيئة رجل و هو على استعداد لاحراق العالم كله من أجل عائلته ...
--------------------------------
تعليقات
إرسال تعليق