الفصل 16 من رواية الابنة المزيفة
--------------------------------------------------------
- خوان انا لن اغادر بلدي ، هل جننت ؟
اخبرته سيلفيا بغضب من كلامه الذي يحثها على السفر ، ليجيبها بخوف : ان لم نسافر سوف نموت ، هل تريدين الموت يا امرأة ؟
صححت له كلامه : بل انت ستموت ، انا زوجتك ، لكني لست شريكتك ، اعلم جيدا ما فعلته بال مديتشي ، عار عليك ..
صرخ بها : بل عار على والدك ايضا ، فهو شريكي في هذا
ابتسمت له قائلة بثقة : والدي اعطاك اموالا ، و هو لا يعلم بما ستوظف تلك الاموال ، هذا ما سوف نقوله
سخر منها قائلا : و هل تظنين ان أدم سوف يصدق ما تقولينه ؟
ضمت يديها في حدة و ردت عليه بسخرية : و هل تظن ان هروبك سوف يحميك ؟ سوف يجدك و يقتلك
امسكها بقوة و هزها بهستيرية : لن تفعليها يا سيلفيا ، لن تبيعي زوجك ، اليس كذلك ؟ لن تفعلي هذا بي ؟
حررت نفسها بقوة منه قائلة : انت من ورطت والدي بهذه القذارة اساسا ، و سوف افعل أي شيء من أجل حماية والدي
كانت تلهث بقوة ، بينما نظر اليها هو بحزن و قال بنبرة مثيرة للشفقة : لقد فعلت ذلك من أجل أن احميكي ، لقد كنت خائفا من ان أفقدك، انت لا تعلمين شيئا عن أي ميديتشي ، لا تعلمين كم هم قساة و عديمو الرحمة ، و انا اردت أن ننتهي منهم الى الابد من أجل أن نحيى حياة هانئة
خللت شعرها في عصبية شديدة : ايها النرجسي المعتوه ، انت لا تهتم الا بنفسك ، انا قوتك ، انا نفوذك ، لولا والدي و نفوذه ما كنت لتصل لكل ما انت عليه الان ، لكن طمعك و غرورك جعلك تخسر كل شيء ، ايها اللعين ، انا اكرهك ، بل العن اليوم الذي تزوجتك فيه ...
صفعها بقوة حتى قبل أن تنهي كلامها ، شهقت بصدمة ، كان تنفسها يتصاعد بقوة و هي تضع كفها على مكان ضربته في خدها ، حاول أن يتحدث لكنها اسرعت خارجة من البيت ، كان يحاول اثنائها عن المغادرة : حبيبتي ..... انا اسفة ...... لم اقصد ان اذيك .... انا فقط كنت غاضب .... ارجوكي لا تذهبي ......
توقفت امام سيارتها و قالت له : ان لم يقتلك ادم انا من ستقتلك
ركبت سيارتها و خرجت من هناك نحو بيت عائلتها ، لم تهتم بركن سيارتها بطريقة صحيحة ، بل انها تركت بابها مفتوحا و اتجهت نحو مكتب والدها و دخلته دون استئذان حتى صارخة به : خوان ضربني ، الرجل الذي زوجتني به حتى يعوضني عن حياتي البائسة ، الذي قررت ان تدعمه في قرار قد يؤدي الى هلاكنا قد ضربني ، للمرة التانية في حياتي اتعرض للاهانة بهذه الطريقة لكن هذه المرة انا لن اتحمل هذا ....
كان روبيرتو قد اقترب منها ، لقد رأى فيها نفس الفتاة التي هربت اليه في ليلة منذ سنوات عديدة ، كأنها تثبت له انه حتى خياره لها كان خاطئا ، و انه قدرها ان تتعرض لمثل هذه الاهانات ، احتضنها بقوة قائلا : انا اسف يا ابنتي ، لقد فعلت ذلك من اجلك ، خوان كان قد تورط بالفعل مع ال مديتيشي ، خفت ان افقدك
ابتعدت عنه قائلة بحزن و دموعها تنهمر : تفقدني ، ما الذي يجعلك تظن انك لن تفقدني الان
احتضن وجهها بكفيه قائلا : ارجوكي سيلفيا ، ارجوكي لا تفعلي بي هذا مجددا ، لن اتحمل انا و والدتك فقدانك ، اعدك ان تتطلقي من خوان ، و سوف اجد طريقة لتسوية الامر مع أدم ، سوف يكون كل شيء بخير
جلست على أحد الكراسي باعياء شديد : لماذا علي ان اقاسي كل هذا ؟ لماذا لا اكون سعيدة مثل البقية ؟
جلس بجانبها روبيرتو قائلا بمواساة : سوف تكونين عزيزتي ، اعدك بذلك
احتضنها مجددا ، لتفجر باكية في احضانه بينما هو يربث على ظهرها كفتاة صغيرة
--------------------------------------------------------
قد يدرك المرء ان أي خسارة سابقة لا تساوي قدرا مع خسارة اقرب الناس اليك ، ربما هذا ما أدركه خوان و هو يشاهد قبور عائلته ، تحديدا قبري والده ، كم كان مؤلما له أن يقف بتلك الصلابة دون ان ينهار ، دون ينتحب مثل الطفل الصغير ، كان صديقه واقفا بجانبه يحاول أن يخفف عنه ، لكنه نظر اليه شرزا ، سأله ألكس باستغراب : ادم انت لا تحملني مسؤولية موتهم أليس كذلك ؟
اشاح أدم بنظره بعيدا و خرج من المدفن العائلي ، تبعه ألكس بسرعة ، و امسكه من ذراعه : اجبني ، انت تظن فعلا انني سبب هذا ؟
حدثه أدم بنبرة مهددة و ملامح حادة تشع شرا : اذا قررت الموت ألمسني مرة أخرى ...
شده الكس أكثر قائلا بثقة : لا بأس افضل الموت على يد صديقي على الموت على يد عدوي
سحب ألكس مسدسه و وضعه في يد أدم : تفضل ، لن اجعلك تخسر رصاصة حتى ...
رفع ادم بالمسدس اليه مجددا قائلا بنبرة قاتلة : ليس اليوم ، ليس قبل ان أتأكد ..
تركه و انصرف الى سيارته ، بقي ألكس ينظر الى صديقه بألم و حسرة ، لعن نفسه كثيرا ، لقد طلب منه الا يذهب و هو أصر لى ذهابه و اشرافه على الموضع ، ربما لو لم يذهب ، ربما لاستطاع انقاذ عائلته ، ربما و ربما .... تلك العبارات التي نرددها بعد حدوث الكارثة ، كأن الكارثة لا تكفي حتى نقرر ان نعاقب نفسنا بلومها أكثر و أكثر ... ، لم يكن ألكس خائنا ، كان قاتلا ، مهربا ، متاجرا في كل انواع الممنوعات لكن صفة الخيانة لم تكن فيه ، لسبب واحد واحد انها حدثت له و هو يدرك تماما ألمها لذلك قرر انه لن يكون خائنا مهما كان السبب ...
اغمض ألكس عينيه في ألم شديد ، فهو لم يعرف معنى للصداقة الا عندما قابل أدم ، فقد عاش حياته وحيدا الى ان التقى أدم ، لكنه أيضا رجل مافيا و يعلم أن الشك قد تسلل الى اعماق أدم ، و عليه ان يتركه يكتشف كل شيء بمفرده ، و من يدري عله يسامح يوما ما على ذنب لم يقترفه اصلا ... كان التوقيت فقط ... التوقيت هو من خذله هذه المرة ، و كأن القدر يمارس لعبته المفضلة في اخد أي شخص يتعلق به ....
---------------------------------------------
كان أدم يقوم بسرعة مجنونة و هو يفكر في ما يمر به ، كان غاضبا للغاية ، فحزنه الكبير قد تحول الى غضب ، و ما أدراك ما غضب أدم ميديتشي ، كل من له يد في تلك الفاجعة التي هزت كيانه عليه أن يدفع الثمن غاليا ....
لم يكن صعبا أن يعلم من وراء ذلك ، لكنه كان بحاجة الى الحذر في ما سيقوم به ، فعلى قدر غباء خوان الا انه شخصية عامة و رجل اعمال مهم ، قتله مباشرة سوف يوجه له اصابع الاتهام ، اضافة انه لن يعرف مكان ليلا ، يعترف انه يشتاق اليها ، يحتاجها كثيرا ، هي المراة الوحيدة التي اراها ضعفه و تقبلته كما هو و لم يخف من ان تتغير نظرتها اتجاهه ...
كانت معادلة صعبة للغاية ، عليه ان يجد ليلا اولا ، عليه ان يجد طريقة يتخلص منها من خوان دون ان يرد اسمه .... و عليه ان يعرف اسماء كل رؤساء المافيا الذين باركوا قتله لعائلته ، الحل هو خطف خوان تعذيبه للحصول على كل هذه المعلومات و تركه ليعيش حتى يموت في اللحظة المناسبة ، ارضاه هذا الحل نسبيا ....
اذا كان هناك امرا غريبا عن أدم مديتشي ان غضبه لا يعميه عن الواقع ، بل يصبح شيطانا في تفكيره حتى يحصل على كل شيء يريده دون ان يتضرر هو ....
تذكر ان تقرير DNA قد وصل صباحا لكنه لم يفتحه بعد ، ركن سيارته على جانب الطريق ، و تناول الظرف من درج السيارة ، تنهد بقوة و هو يتناول ما بداخله ، اخرج الورقة و قرأ بحذر ما فيها ، شعر بثقل شديد في صدره ، و تسارع في دقات قلبه و هو يدرك انها ابنته ، تلك الفتاة هي ابنته ....
-------------------------------------------------
لا يعلم كيف سيقول لها ، كيف يخبرها انها كانت بعيدة عنه كل هذه المدة ، عشرة سنوات كاملة لا يعلم عنها شيئا ، ظن انها ماتت ، حزن عليها كثيرا ، فقد احساسه بالعالم كله بفقدانها ، كيف له ان يقنعها بهذا ؟
تذكر انه قابلها و هي خادمة ، كيف حصل ذلك ؟ كيف اصبحت خادمة ؟ و اين كانت طيلة ابسنوات الماضية ؟
اسئلة كثيرة كانت تدور في رأسه ،شعر بصداع شديد من كثرة التفكير ، فهو لا يعلم اذا كان سعيدا بأنها حية ترزق ، ام انه تعيس بأنها لم تحظ بفرصة لرؤية والديه كما يجب ، لم تحظ بفرصة للتمتع بحبهما و عطفهما ، لم تصنع ذكريات معهما ، كم كانا سيكونان سعيدين بكل هذا ....
اخرج من جيبه تلك القلادة التي تم تسليمها له قبل عشر سنوات ، تلك التي نقش عليها حبه لصغيرته على اسمها ، تأملها قليلا قبل ان يضمها الى صدره و هو يفكر في طريقة ما كي يواجه بها ابنته ...
--------------------------------------------
كانت قد نامت من شدة تعبها ، و بكائها المستمر ، لم تحس به حين دخل الى تلك الغرفة الصغيرة التي كانت موجودة بها ، لقد نسي تماما أن يأمرهم بنقلها الى مكان افضل ، بدا له ان ذلك المكان لا يليق بها ، و بدت له بريئة و مسكينة للغاية في نومها ، تلمس خصلات شعرها ، انتفض جسدها مرة واحدة و فتحت عينيها لتراه جالسا جانب سريرها ، قفزت من مكانها خائفة و تراجعت الى الخلف قائلة : ليس انا ، هو من اجبرني على ذلك ، ارجوك ، انا لم افعل ذلك ، هو من اجبرني ...
نهض من مكانه و ضيق عينيه في حذر شديد و فكر قليلا ثم قال لها : انا اعلم ان هو من فعل ذلك ، و اصدقك ، انت بريئة ...
تنفست بهدوء و قالت براحة : حقا ؟
هز رأسه بالتأكيد ، لم يكن يعلم عن من تتحدث ، او ماذا تقصد ، لكنه اراد ان يعلم ، الان كل شيء يخصها سوف يعلمه ، لتقول هي بابتسامة متوترة : انا صدقته فقط لانه اخبرني انه سوف يخرجني من بيت الدعارة ذلك ، لقد كنت اموت كل يوم هناك ، لكنه ورطني ، اللعنة عليك يا كارلو
حاول تمالك اعصابه حين سمع ذلك الاسم ، لكن ملامحه تحولت الى الغضب الشديد ، خافت هي من تحوله ذلك لتقول له : اقسم لك انني لم احاول ان اضرك انت او عائلتك ، حتى ابنتك لم افعل لها اي شيء حين بقيت معها ، انا لست سيئة ، انا فقط اردت ان اكون حرة ...
تمالكتها الدموع و هي تتذكر كل شيء مر بحياتها ، اشار لها بيده بأن تجلس فرك وجهه قليلا و هو يحاول استعادة هدوئه و قال لها : عندما وجدتك في تلك الغرفة في القصر ، كنت تحملين صورة لامراة تشبهك ، الا تشعرين انك قابلتها في حياتك او تعرفينها و انا الا تذكرين أي شيء عني ؟
تأملت ملامحه جيدا و قالت له بنبرة هادئة : انت تزورني في أحلامي دائما و تلك السيدة ايضا ، و صوت مألوف للغاية اسمعه دائما ،لكني لا أذكر شيئا عنك ...
وجد خيطا ما فسألها : هل تذكرين أيا من تلك الأحلام ؟
فكرت قليلا و قالت : هناك هذا الحلم الذي يراودني دائما ، حولك و أنك تمنحني قلادة ما ...
اخرج القلادة من جيبه و قال : هذه القلادة
امسكتها بيد مرتجفة و قالت بصوت مهتز : نعم هذه هي ، كيف عرفت ؟
نظر اليها بلهفة قائلا : هذه هي القلادة التي اهديتها لابنتي قبل أن تذهب في رحلة مع والدتها ...
همست ماريا : ليلا ...
ليقول : نعم ذلك اسمها ...
لم تستوعب ما يقوله ، و ظلت تتأمل القلادة في صمت
لم يرد ان يخبرها مباشرة ، بات واضحا له انها تعاني فقدان للذاكرة نتيجة لصدمة الحادثة ، لذلك كان حاول التلميح لها قدر المستطاع ، كي ينشط ذاكرتها ، رفعت بصرها اليه و قالت : ابنتك هي تلك التي قمت بالاعتناء بها ...
هز رأسه نافيا : تلك ليست ابنتي ، لقد قمت بتأجيرها لفعل ذلك ، تلك قصة اخرى سأخبرك بها لاحقا ...
سألته بخوف : اذن من هي ابنتك ؟
ابتسم لها نصف ابتسامة قائلا : هي التي تحلم بي دائما ، و لم تغادر ذاكرتي نهائيا ، انت هي ابنتي
تعليقات
إرسال تعليق