الفصل 19 من رواية الابنة المزيفة

 
------------
"
ستزحف يدي نحو جسدك ، لكن هذه المرة من أجل عقابك و ليس من أجل متعتك "

-------
- هل جننتي يا سيلفيا ، كيف تخفين عني هذا الامر ؟ هل كنت تظنين أني لن أعلم ..؟ لكن هذا ليس الاسوء ، الاسوء انني علمت بواسطة أدم ، نظراته لي كانت توحي بأنه يعلم أنه اصابني في مقتل ...

صرخ بها روبيرتو بغضب ، الا انها بقيت هادئة في مكانها لم يهتز لها شعرة واحدة ، بل قالت بتحدي :  لن يأخد أحد ابنتي ... مفهوم ؟ 

اجابها روبيرتو بسخرية :  اخبري هذا لأدم  و البقية ، لانهم موافقون تماما على ما يريده ... 

بقيت سيلفيا على جمودها قائلة : ساخدها و نسافر .. 

شد روبيرتو شعره بعصبية شديدة مقاطعا اياها  : سوف يقتلك قبل أن تفكري حتى باخراجها من هذا البلد اللعين 

فكرت قليلا و قالت بحزن : هل عشت سنوات مريرة احاول فيها الوصول الى ابنتي الوحيدة و الان هو سوف يأخدها مني ... 

جلس روبيرتو بجانبها قائلا بانهاك شديد : أعلم ذلك .. و أنا اقدره ... اعلم ما يعني أن تفقدي ابنتك ، لقد فقدتك يوما ما و كان الامر مؤلما للغاية ، لكن علينا القبول مبدئيا على الاقل كي نضمن أنه لن يرتكب مذبحة في عائلتنا كلها ، هل ستسرين حين ترين كل اشلائنا ممزقة 

هزت سيلفيا رأسها نافية و قالت بخوف : ماذا ان فعل بها شيئا ما ؟ ماذا لو اذاها ؟ هو لن يتزوجها لانه يحبها بالتأكيد 

ربت روبيرتو على كتفها قائلا : سوف نلزمه بموجب عقد أن يحسن معاملتها ، ثم أن كل هذا فقط لمدة وجيزة ، سوف نجد مخرجا بالتأكيد ، و ربما نستطيع التخلص من أدم نهائيا ، سوف نجد  مخرجا انا متأكد 

كانت كلمات روبيرتو تبث قليلا من الطمأنينة في قلب سيلفيا ، لكنها تعلم أن رجلا مثل أدم لن يترك ابنتها في حالها ، لكنها أثرت الصمت ، فالكلام مع والدها لن تجدي نفعا ، عليها ان تتصرف لوحدها كالعادة ... 

------------------------------------------------

كانت ليلا في عالم أخر ، لا تعلم كم مر من الوقت و هي جالسة على الارض ، تفكر في كل ما حدث ، ألمها كثيرا انه يظنها الان خائنة، و هي التي خاطرت بكل شيء من أجله ، و كانت مستعدة لترك المدينة كلها من اجل ان لا ينكشف سره معها ، و حتى بعد ضغط من والدتها لم تخبرها لماذا قامت بتلك التمثيلية ... بل احتفظت بكل شيء لنفسها ، هل سعقل انه صدق انها خدعته ، عليها ان تجد طريقة لاثبات برائتها ...

--------------------------------------------

لم يكن أدم ايضا غارقا في بحر من السعادة ايضا ، كان يعاني بقسوة ، و كأن العالم تحالف من أجل أن يكسر قلبه ، و كان قدره ان يكون الألم رفيقه الدائم ، وجود ماريا يخفف عنه ، فتلك الصغيرة ببرائتها و عفويتها كانت تحافظ على ما بقي من انسانيته  ، هذا ان بقي اصلا ..

وقف أدم نافذة مكتبه يتأمل صغيرته في حديقة المنزل ، وقف بجانبه ألكس قائلا : تبدوا سعيدة هنا ... 

هز أدم رأسه قائلا بحزن : كانت لتكون اسعد مع والدي ... 

ربت ألكس على كتف صديقه و قال بمواساة : فكر بمنطق أنها مقايضة ، استعدتها مقابل ثمن ما 

رد أدم بحرقة : الثمن كان غاليا للغاية ، أغلى من روحي يا ألكس ، لقد كانا يخططان للكثير ، و بسبب ذلك الحقير و عائلته خسرتهم 

سأله ألكس بهدوء : ماذا سوف تفعل بها ؟ هل حقا سوف تتزوجها ؟ 

هز أدم رأسه موافقا : انها نقطة ضعفها الوحيدة ، تلك المغرورة المتعجرفة أتت بكل وقاحة قد تساومني معتقدة أنها سوف تنجوا هي و ابنتها من كل ما فعلتاه بي و بعائلتي ... 

كان جزء من أدم يتمنى لو انها بريئة ، لو انها لم تتلوث بهذه القذارة ، مر برأسه كل لمسة منها ، كل قبلة ، كل عناق ، و كل كلمة ، كل شيء فيها كان يصرخ صدقا و الواقع يكذبه ، قلبه و عقله كان في حرب مدمرة ، و هو كان ضحية نفسه هذه المرة ....

------------------------------------------

دخلت سيلفيا الى تلك الغرفة التي كانت تقبع بها ليلا و وجدتها في شرودها المعتاد ، جلست بجانبها و بدون أي مقدمات قالت : يريد أن يتزوجك ... 

لم تستوعب ما قالته ، لتدير رأسها نحو امها مستفهمة ، لتعيد سيلفيا جملتها : مديتشي يريد الزواج منك 

سرت قشعريرة في جسد ليلة ، و للحظة انتابتها سعادة شديدة ، و سألتها بصدمة ممزوجة بالتأثر : كيف ذلك ؟ 

رطبت سيلفيا شفتيها و قالت بعملية : عندما تحصل حرب بين عائلات المافيا ، تفاديا للخسائر يقومون بتزويج فردين من العائلتين كي تتوقف الحرب ... لذلك أدم طلب ، و طلب معك رأس زوجي .. 

شعرت ليلة بخيبة أمل شديدة فقد ظنته يريد الزواج منها لانه يكن لها مشاعر ، لكنه يود فقط انهاء هذه الحرب ، سألتها سيلفيا بفتور : ما رأيك ؟ 

فكرت ليلا قليلا ، جحيم ادم اهون من جنة أمها : اذا كان هذا سوف ينهي هذه الحرب ، فأنا موافقة ، لا داعي لأن يخسر المزيد من الناس حياتهم ... 

ابتسمت سيلفيا بسخرية من كلام ابنتها و قالت : ماذا عن رأس زوجي ؟ هل هو رأس خنزير بري و ليس من الناس ...

قالت ليلا بحدة : انه شيطان ، لقد قتلت عائلة بأكلمها ، انه يستحق الموت ...

هزت سيلفيا رأسها في تفهم و قالت بتشفي : أدم لن يعاملك كابنته كالمرة الماضية ، بل سوف يعاملك على أنك حفيدة من ساهم في قتل عائلته ... 

تجمعت الدموع في عيون ليلا قائلة : لم اختره ، و لم اخترك انت ... لماذا عدتي ؟ لم تجلبي لي سوى التعاسة ...

امسكت سيلفيا بوجه ابنتها بقوة و قالت بحدة : التعاسة الحقيقية هي ما ستلقينه مع رجل لا يحبك ، لقد جربتها من قبل و انت كنت شاهدة على ذلك ، و مثل لم تختاريني انا ، انا ايضا لم اختر زوجي ، نحن الاثنان ضحيتان يا صغيرتي ، لكن بامكاني انقاذك منه كما انقذتك المرة الماضية ، اذا فقط استمعت لي 

حررت ليلا نفسها من قيد أمها و قالت بخوف من اسلوب والدتها : ماذا تريدين ؟ 

ابتسمت سيلفيا بشر خالص قائلة : فرصة ، فرصة فقط  للتخلص من ادم هذا الى الابد ... 

جحظت أعين ليلا بصدمة : تردين قتله ، انت مجرمة مثلهم جميعا ، اخبرك انني احبه.. فتودين قتله ، أي نوع من الامهات انت 

لم تأثر كلمات ليلا على سيلفيا و ردت : انا من النوع الذي سوف يحمي ابنته مهما كلف الثمن ، لو كان هناك طريقة اخرى لفعلتها ، الشرطة متورطة معه و هي لن تفعل شيئا ، و الهروب مستحيل ، سوف يتقتلنا قبل أن الى الحدود حتى ... 

لتقول ليلة باصرار : اذن لاواجه مصيري و اتزوجه ... 

--------------------------------------------------------------

- تعالي ماريا ، اود الحديث معك قليلا 

جلست ماريا قبالته ، ليقول بنوع من التوتر : هناك شيء علي اخبارك به 

مازحته قائلة : تأكدت أن هناك اشباحا في ذلك الجناح ، أليس كذلك ؟ 

ابتسم باقتضاب ، و امسك بكفها قائلا : سوف اتزوج ... 

لم تعلم ماريا ماذا تحس تحديدا و أول ما خطر ببالها : و أمي ؟ زواجكما لازال قائما .. 

رد ادم بنوع من الخزي : لقد تطلقنا بعد الحادثة ... 

لم تستوعب ماريا ما قاله والدها : لكن أمي كانت في حالة سيئة ، كيف تطلقتم 

زفر ادم في ندم و اغمض عينيه : لقد جعلتها توقع الاوراق ..

سحبت ماريا يدها من يد والدها قائلة بنبرة شبه باكية : لقد اجبرتها على توقيع معاملات الطلاق و هي في تلك الحالة ، و تخليت عنها.. 

نظر اليها أدم بحسرة : لقد كنت غاضبا ، هي من اصرت على أخدك و السفر بك ، لو لم تفعل ذلك لما حصل كل هذا ، أعلم أن هذا ليس مبررا لكني اشعر بالندم لما فعلته 

نهضت ماريا من امامه و ابتعدت عدة  خطوات ، و عم الصمت للحظات قليلة قبل ان تكسره هي : و من هي تعيسة الحظ ؟ 

خلل أدم شعره و قال : تلك الفتاة ... 

سألته ماريا : أي فتاة ؟

اجابها بنوع من التوتر : التي مثلت انها انت لفترة الوقت 

صرخت ماريا  بصدمة : ماذا ؟ هي ؟ لكن لماذا ؟ أليست في مثل سني ؟ 

سارع أدم الى تصحيح ذلك : بالتأكيد لا ، هي عمرها 22 سنة ، هي فقط تبدوا أصغر من سنها ، لم اجن بعد كي اتزوج طفلة ، تلك جريمة ..

دفاعه المستميت هذا جعلها تسأله بفضول : هل احببتها ؟ 

كان ذلك السؤال صدمة بالنسبة له ، فهو لا يستطيع حتى مواجهة نفسه بهذه الحقيقة المرة ، لينهض من مكانه قائلا بنبرة جافة : انها صفقة عمل ، هذا الامر شائع هنا للغاية ، لا تهتمي بالامر كثيرا فهو مجرد زواج مصلحة ، انا اردت ان ابلغك لأني لم أرد ان اضعك أمام الامر الواقع ، و كذلك لأني سوف اشاركك أي قرار قبل اتخاده 

لم تستوعب ماريا كل ما قاله والدها و اكتفت بهز رأسها و قالت برجاء : حسنا ، لكن دعني أذهب لزيارة والدتي ، ارجوك اريد ان اراها ... 

احتضن أدم وجهه بكفيه : اعدك ان نذهب لزيارتها ، و بل و سوف نحضرها الى هنا ، لكن الان الوضع جد خطير ، لا أحد يعلم انك موجودة معي ، الكل لازالو يظنون انك مخطوفة ، و كذلك لقد فقدت عائلتي منذ مدة وجيزة و لا اريد فقدك انتي ايضا ، علينا الانتظار قليلا كي تهدأ الامور ...

قلبت ماريا شفتيها في طفولة شديدة ، ليقبل هو جبهتها و قبل أن تبدا في الاعتراض امرها بالذهاب الى النوم ، و أن الوقت متأخر للغاية، رضحت لاوامره في النهاية ، و قبل أن تخرج من مكتبه قالت بمزاح : اخبرها أن لا تحاول ان تقوم بدور زوجة الاب ، و الا سوف اجعلها تعاني معي .. 

خرجت مباشرة ، بينما قال أدم بتوعد : انا من سوف يجعلها تعاني ... ...

----------------------------------------------------------

دخل روبيرتو الى تلك الغرفة التي تقبع بها ليلا ، و حمحم بصوت مرتفع كي يلفت انتباهها و هو ما نجح به ، ليقول بنبرة رسمية :غدا هو زواجك من ادم مديتشي ، لقد فرضنا عليه عقدا بعدم ايذاك ، لذلك لا تخافي 

اقتربت ليلا منه و قالت بحدة : انت احد اسباب قتل عائلته ، اليس كذلك ؟ اللعنة عليك ، اللعنة عليك 

انزعج روبيرتو من كلماتها تلك و قال بتحذير : من الافضل أن تنتبهي الى كلامك ، فذلك الرجل لا تعرف الرحمة طريقا الى قلبه .. 

و قبل ان تثور في وجهه مرة اخرى انصرف عنها ، تاركا اياها غارقة في نوبة بكاء لازمتها لساعات كثيرة ... 

-------------------------------------------------------------

كان ألكس جالسا على مقعد المكتب مخاطبا ادم الذي كان يشرب بشراهة : انهم يطلبون منك عقدا بعدم ايذاء الفتاة .. 

ضحك أدم بسخرية : حقا ؟ الا يريدون أن اذهب بها الى المالديف في شهر العسل ايضا ... 

تأمله ألكس بصمت و قال : لقد كانت تعجبك ، هل انت متأكد مما تريد أن تفعله ؟ 

لم يجد أدم ما يرد به ، فقد كان في صراع لا يعلم أحد عنه ، لديه رغبة في خنقها حتى الموت ، و في عناقها حتى الفناء بين اضلعه ، لكنه يريد أن يعلم الحقيقة ، و بدايتها أن تكون معه .. رد باقتضاب : امضي ذلك العقد نيابة عني ، انا ذاهب ...

لم يكن يستوعب ان كل ما يفعله ، هو كي يحصل عليها ، كي يستعيدها ، لم يستوعب حتى الأن أنه يعشقها أكثر من أي وقت مضى ، لكنه مجروح و مشوه من الداخل ، و هي مجرد فتاة مسكينة تأمرت الحياة عليها بما فيه الكفاية ، فما السبيل من أجل جمع قلبيهما معا 

------------------------------------------------------------------

في اليوم التالي 

كان أدم جالسا في قاعة الانتظار ينتظر قدومها مع والدتها و جدها ذلك ، رأها داخلة بفستان وردي  فاتح من الستان يعانق منحنيات جسدها برقة ، شعرها متخد شكل ضفيرة ، و بدون أن زينة في وجهها ، بدت له متعبة و مرهقة للغاية و كأن النوم قد خاصمها لأيام ، بدأت له أكثر نضجا ، بل و أكثرا جمالا ، لم يمنع نفسه من تأملها أكثر و أكثر ، لكنه تذكر حقيقته ، لتقسوا نظراته قبل أن يبعد نظره عنها نهائيا ...

أما هي فقد ذهلت من منظره ، لقد فقد وزنا كثيرا ، نبتت له لحية ايضا ، اثار عدم النوم بادية عليه ، و ملامح مرهقة ، ودت لو بامكانها رمي نفسها في احضانه ، لكن هناك شيئ غريب في نظراته لها ، و كأن روحه قد فارقت جسده ، شعرت برجفة تسري في جسدها كله، لأول مرة تجد نفسها خائفة منه ، و من نظراته الشيطانية ، تنفست الصعداء حين ابعد نظره عنها ... 

قال روبيرتو بنبرة المغلوب على أمره : لننتهي من هذا الامر .. 

تقدم أدم في السير بينما سار البقية ورائه ....... 

----------------------------------------------------

لم يأخد الامر وقتا طويلا ، قبل ان تنتهي كل الاجراءات ، و يتم الزواج بصفة رسمية ، و ما ان غادروا المكان حتى قام أدم بامساك يد ليلا و جذبها اليه ، انتفضت هذه الاخيرة بقوة  و هي تجد نفسها قريبة منه ، ليهمس لها بتملك شديد : لقد اصبحتي ملكي أخيرا ..

، كادت سيلفيا أن تهجم عليه لكن والدها سارع الى الامساك بها ليقول لها أدم باستفزاز : لقد حصلت على اول شيء ، اريد البقية في المساء ، و الا لن يأتي يوم جديد عليكم ... 
 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفصل 12 من رواية الابنة المزيفة

الفصل 14 من رواية الابنة المزيفة

الفصل 13 من رواية الابنة المزيفة