الفصل 21 من رواية الابنة المزيفة



-------------------------------------------

بعد مرور ثلاثة أيام من الصمت العقابي الذي مارسه أدم على ليلا ، جعلها مثل المجنونة تهذي بانها سبب كل المصائب التي حلت على والدها ، الذي رغم كل ما قاسته معه الا انه لازال الاقرب الى قلبها ...  و لأول مرة منذ أن اعادها الى هذه الغرفة غلبها وهنها و ضعفها و غرقت في نوم يتخلله كوابيس مرعبة ... لكن ذلك لم يستمر كثيرا ...

دلو من الماء البارد انسكب على وجهها ، جعلها تنتفض بقوة ، شهقت و هي تستوعب ما فعله بها  ، أمسكها من خصلات شعرها بقوة جاعلا اياها تنهض من مكانها و تقابله ، كان ثملا للغاية ، اخبرها بنبرة مبحوحة : لماذا فعلتي هذا بي ؟ لقد عاملاكي كأنك حفيدتهما الحقيقية ؟ هل استحقا الموت بهذه الطريقة ؟ اخبرني هل استحقا الموت بهذه الطريقة البشعة ؟ 

صفع جسدها الضعيف الى الحائط لتقول بهستيرية : انا لم أفعل شيئا ، اقسم أني لم أفعل شيئا ، لم أرى والدتي منذ سنوات ، أقسم أنه لا علاقة لي بما حصل لهما 

أمسكها من عنقها و شدد قبضته عليها : أيتها الحقيرة ، متى قررتي الانضمام الى حزب والدتك و زوجها العاهرين ؟ 

هزت رأسها بضعف شديد و هي تحاول المقاومة أكثر وأكثر ، صرخ بها كأن ضربا من الجنون أصابه : أخبرني كيف كنتي تتواصلين معهما ؟ 

كانت ليلا على وشك الاختناق ، ليقول لها بقسوة :  لا تستحقين حتى الانفاس التي تخدينها ، فسلالة من نسل امك يجب تباد الى الأبد"

قال جملته تلك و تركها ، هوت على ركبتيها راكعة امامه ، نظر لها باستحقار كبير قائلا : مكانك دائما دوما يكون أسفل قدمي 

استرسل في الحديث مجددا قائلا بغضب  و هو يبتعد عنها : لقد منحتك كل شيء أيتها العاهرة ، لقد أحضرتك من حانة لعينة لا تتردد اليها الا الحقيرون أمثال والدك .. 

استوقفها كلمة والدك ، لترفع عينيها الباكيتين اليه قائلة : والدي أين هنا ؟ أرجوك ماذا فعلت به ؟ هو لا يستحق هذا 

توقف عن المشي و وقف في منتصف الغرفة بينما هي لا تزال قرب أحد الجدران جالسة أرضا  ، و قال بنبرة خالية من المشاعر 

"ازحفي الى قدمي هيا "

نظرت اليه بصدمة ممزوجة بالألم ليقول لها : ألا تريدين أن تعرفي أين هو والدك ، سوف أخبرك فقط ازحفي مثل كلبة مطيعة نحو قدمي 

شعرت بالذل و الاهانة من كلماته تلك ، لكن لا خيار لها سوى أن تنفذ ما يقوله لها ، زحفت اليه بخطوات مثقلة ، شعر بتلك النشوة تتخل جسده مجددا ، لكنها اختفت ما ان رفعت عينيها اليه ، تاه مجددا فيهما ناسيا كل شيء، بدت له بريئة و مسالمة ، بدت له نفس الفتاة التي قابلها في الحانة  ، و ما أرجعه الى الواقع هو صوتها الذي اختنق بكاءا : ارجوك أين هو ؟ ماذا فعل به ؟ 

لعن ضعفه ، بمجرد نظرة منها كاد أن يصدق أنها بريئة بالفعل ، اشاح بنظره عنها قائلا : لقد أخد الجزاء الذي يستحقه ، الا تظنين أنه من العدل ان يظل والدك حيا و عائلتي كلها قد ماتت ... 

صرخت بعنف  و هي تتهجم عليه : لا .... لا..... انت لم تفعل ذلك .... لاااااا، هو لم يمت ... انت تكذب .... لقد فعلت كل ما تريده مني .... لم أقتل عائلتك و لا أعلم شيئا عن ذلك ..... و تلك أمي لم أرها منذ سنوات هي من خطفتني حتى دون علم زوجها ، لماذا قتلته ؟ لقد كان الشيء الوحيد الذي بقي لي .... انا أكرهك ، ألعنك ... أنا .... 

بعد موجة من الاعترافات ، شعرت بدوار شديد ، ثم فقدت احساسها بالعالم ، حتى أنها لم تحس بذلك الذي لف يديه حول جسدها منقذا اياها من السقوط أرضا ... 

هو لم يقتل والدها ، لم يفعل ذلك ، لكنه أراد فقط ان ينتقم ، لقد بات وحشا لا يعرف الرحمة ، و هي المسكينة التي وقعت بين براثينه ، وضعها على الكنبة و خرج ... 

لقد أخبره ألكس ان خوان سوف يصل بعد قليل و هناك طريقة واحدة ليتأكد من كلامها ... 

-----------------------------------------------------------

كان مايكل جالسا مع سيلفيا يحاول ان يرفع من روحها المعنوية ، اخبرته بقهر : لقد انتظرت سنوات من أجل ان اجتمع بابنتي ، و هاهو ذلك العاهر أخدها مني ، لماذا لا أحصل على ما أريده دائما ؟ لماذا الحياة قاسية معي هكذا ؟ 

ربت مايكل على كتفها قائلا : اتفهم ما تمرين به ، انا ايضا لم تكن الحياة في صفي دائما ، و لولا والدك الذي اخرجني من ذلك الملجأ لكانت متسولا في شوارع ميلانو .. 

ابتسمت سيلفيا قائلة له : انت بمثابة العائلة ، لا تقل هذا ... 

اخبرها بثقة : و بما أنك تعتبرينني بمثابة العائلة ، أعتقد أنك سوف تسرين بما أحمله من أخبار ، أعتقد ان زوج ابنتك لديه عشيقة 

جحظت عينا سيلفيا في صدمة شديدة : كيف علمت ؟ 

استرسل هو في الحديث مجددا مفسرا كلامه : لقد تم تسريح كل طاقم الخادمات اللواتي كن يخدمن في قصر مديتشي ، لكن خلال تحرياتي تبين أن احدى الخادمات لم يتم تسريحها ، و لم توظف مجددا في أي من البيوت ، و الخادمات الاخريات شهدن أنها لم تغادر معهن ، بل هناك من قلن أنهم شادوها تغادر مع أحد حرس أدم ...

ارتسمت على محيى سيلفيا ابتسامة كبيرة و قالت : مرحى لي ، لقد وجدت طريقة لتخليص ليلا منه ، و حتى بدون سلاح ، انت افضل رجل في العالم يا مايكل ... سوف أخبر أبي ان يضاعف اجرك ... 

ابتسم مايكل بتوتر و حك رأسه قائلا : ، لم أفعل شيئا يذكر ، لكن جائزتي الحقيقية هي أن اعود الى ايطاليا ، لقد سئمت من الحياة في الخارج ، احيانا يخيل لي أني سأموت دون ان يعرف أحد عني ، اريد البقاء هنا بجانبكم ... لقد تحدثت مع دون دالاس لكنه لا يوافق ..

شعرت بشفقة شديدة اتجاهه و ربتت عى كتفه قائلة : أعدك أن اتحدث مع أبي بنفسي ، وسوف أصر على نقلك الى هنا حتى يوافق 

عانقها بطريقة اخوية ، فهو لا يجرأ على النظر اليها بطريقة أخرى ، فسيلفيا هي أخته الكبيرة ، فهي ما كانت تعتني به في سنواته الاولى في هذا القصر قبل ان يسافر ....

--------------------------------------------------------------

وقف أدم مع صديقه  يتأمل وجه خوان المغطى بالدم ، ليقول له أدم : هل رحبت به بالطريقة المناسبة 

هز ألكس رأسه موافقا : حتى أنني قدمت له مشروبا خاصا ، مزيج من دمه و الكحول 

علت ابتسامة شيطانية وجه ادم و أمسك بخصلات شعر خوان بقوة قائلا : أمل أن تكون الخدمة قد حازت على اعجابك يا ابن العاهرة.. 

كان خوان يهذي من شدة التعذيب الذي تعرض له طيلة رحلة العودة ، فهناك مسامير متصلة بأجزاء من جسده ، و حروق بالغة اضافة نزيفه الذي  لا ينتهي ، شد أدم على شعره أكثر ، لتخرج همهمة قوية من خوان ، فقال أدم بغضب : كيف لك بالجرأة أن تقتل كل عائلتي، كيف لك ، من ساعدك ، من زودك بالمعلومات  ؟ 

بصعوبة شديدة قال خوان : ليس ... كلها .... ابنتك ... 

لم يستوعب أدم في البداية ، فسأله مجددا : أين ابنتي ؟ 

قال خوان بنبرة منهكة : لا أعلم ... اختفت ... لم أقتلها هي ... اشفع لي بهذا و دع أولادي يرحلون 

نظر أدم الى ألكس الذي كان يدور بخلده نفس الفكرة ، خوان لا يزال يعتقد أن ليلا التي كانت في الحفلة هي ابنته ، أي أنه نفذ ذلك الهجوم و هو مؤمن أنها ابنة أدم و ليست ابنة زوجته ... 

اندفع أدم نحو ألكس قائلا بتوتر : علي العودة الى القصر ، أعتقد انها بريئة .... 

أشار ألكس الى خوان قائلا : ماذا عن ابن العاهرة هذا ؟ 

رمق أدم  هذا الاخير بازدراء شديد قائلا " سوف أعود من أجله ليلا ، ابقه هو و ابنائه هنا ، و ابقى انت هنا ، لا تترك المكان " 

في هذه الاثناء كانت ليلا قد نهضت لتوها من اغمائها ، هاجمتها تلك كلمات أدم التي سلخت روحها ، انهارت باكية مجددا ، فالرجل الوحيد التي قبلت بهذه الصفقة من أجله لم يعد موجودة ... 

لاحظت أثناء بكائها وجود قطع من الزجاج المكسور في أحد جوانب الغرفة ، فتلك الغرفة لم تكن للاستخدام العائلي بل كانوا يحتفظون بالاشياء المستعملة فيها ، و ذلك الزجاج من أحد النوافذ التي كسرت و تم وضعها هنا ، مشت نحو تلك القطع و جلست على الأرض ، و هي تتذكر أول يوم ذهبت بوالدها الى دار الرعاية ، و كيف كان يتراجاها ان لا تتركه ، لكن كان عليها ذلك لكنها لم تكن تمتلك المال من أجل أن تظف ممرضة بدوام كامل من اجل العناية به ، و لم تكن هي نفسها متفرغة من اجل فعل ذلك كونها تعمل لساعات طوال ، فكان ذلك الحل الوحيد ، كان يبكي مثل طفل صغير ، لدرجة أنه اخبرها أنه لن يضربها مجددا في حياته كما كان يفعل في صغرها .. 

تعتقد انها في تلك اللحظة فقط سامحته على كل شيء فعله في حياته ، ربما تشعر بالألم من قسوته الا انها غفرت له ، لكن هل سوف تغفر لنفسها ، لقد باتت تعلم الان انها السبب في موته ، تحمل نفسها فوق طاقتها ، فلا عقلها يتحمل ما تفعله له ، و جسده سوف يقاوم أكثر ، تذكرت تلك الجملة التي قالها أدم حين كان يخنقها " لا تستحقين حتى الانفاس التي تخدينها ، فسلالة من نسل امك يجب تباد الى الأبد" 

رفعت احدى القطع الزجاجية ، و فكرت قليلا : بعض الألم ، و سوف أرتاح الى الأبد ، لن يألمني شيء بعد الأن ، لن يؤذيني هو أبدا ، و سوف أكون مع والدي الى الأبد .. الى الأبد ... لن نفترق مجددا ...

ابتسمت حين خطر على بالها أنها سوف تكون مع والدها ، اتسابت دمعة حارة أخيرة ، قبل أن تقوم بقطع شرايين يدها بالقطعة الزجاجية ، بضع ثوان و انسابت بحيرة من الدم بينما سقطت ليلة ارضا غارقة في بحيرة من الدم 

في تلك اللحظة كان أدم قد وصل الى القصر ، و يجري في الطرقات نحو ليلة كي يخبرها ان والدها لازال حيا ، و يحاول أن يوضح لها سوء الفهم ذلك ، كان يخفف عن نفسه بانها طيبة القلب و سوف تسامحه ، لطالما سامحته على كل ما يفعله بها 

دخل الغرفة على عجل ، ليقف مصدوما بما رأه ، هرع ممسكا برأسها و صارخا بها : ليلا ، ليلا ، حبيبتي ، استيقظي يا حبيبتي ، ارجوكي لا تفعلي هذا بي .. 

لكن لا حياة لمن تنادي ، قام اخراج منديل من جيب بدلته و ربط يدها ، بينما حملها بين ذراعيه مسرعا بها الى السيارة ، كان يردد لها بنبرة شبه باكية : لا تتركني ارجوكي ، لا تفعلي هذا بي .. 

متشبثا بها كولد صغير يخاف مفارقة أمه دخل المستشفى ، كانت الممرضات يحاولن أن يأخدنها من ذارعيه لكن حالته الهيسترية كانت تمنعهم ، لكن حين تحدثت الطبيبة المختصة أنها قد تموت ان لم يتدخلوا سريعا رضخ الى الأمر الواقع و تركهم يدخلونها الى غرفة العمليات .... 

كان الوقت يمر ثقيلا عليه للغاية ، كان الندم يفتك به  فتكا ، لقد حاولت الدفاع عن نفسها ، لقد حاولت ان تخبره الحقيقة ، لكنه لم يمنحها فرصة للحديث ، بل استمر في اذلالها و ارعابها ، الى أن قررت وضع حد لحياتها ... 

أن تقتل شخص شيء و ان تجعل شخصا يود الموت شيء أخر ، لقد منحته كل شيء و أكثر .. و هو في المقابل لم يمنحها أي شيء سوى الألم ..

خرجت الطبيبة و نهض اليها مباشرة قائلا : كيف هي ؟ 

ردت الطبيبة : للأسف لقد فقدت دما كثيرا ، و جسدها ضعيف للغاية ، سوف تبقى في العناية المركزة لمدة يومين .. 

قال أدم باندفاع : بامكاني التبرع لها ، أو اذا كانت زمرتها مختلفة سوف أحضر لها دما 

هز الطبيبة رأسها : سيد ميديتشي ، لدينا هنا بنك للدم ، و قد قمنا باللازم الان علينا الانتظار ... 

سألها أدم بألم : هل يمكنني رؤيتها ؟ 

كانت حالته العصبية و دمها الذي لازال على ثيابه قد اخافها على تلك الصغيرة منه ، لتقول له : للأسف يا سيد مديشي ، الأنسة لديها مناعة ضعيفة للغاية أي جراثيم في الهواء قد تسبب لها مشاكل صحية أخرى ، افضل ان تكون زيارتك لها في الغد ، لكن يمكنك مراقبتها من خلف الزجاج ، هاهي الممرضة سوف تدلك على مكانها  ، عمت مساءا سيدي ..

هز رأسه بتفهم ، و تبع الممرضة في صمت دون أن يقول أي شيء ... 

-------------------------------------------------

وقف أمام الزجاج يتأملها ، تلك الأجهزة موصلة بها ، ملامحها الباهتة و المرهقة ، منذ اسابيع قليلة كانت أكثر الفتيات  سعادة ، و الأن لقد دمرها بالفعل .... 

تمنى في تلك اللحظة لو كان هو من قتل نفسه ، ربما ينتهي ألم الجميع ، ربما لم تكن ابنته لتخطف منه ، ربما لم تكن عائلته لتموت ، ربما لم تكن هي قتلت نفسها ، تكاد اضلعه تنفجر ألما على ما حصل لمعشوقته الصغيرة ... فهل سوف تنجوا ؟ ام سوف تموت ؟ 

---------------------------------------
كيف الفصل الكئيب معاكم ، انا جابلي اكتئاب الصراحة ، الله يسامحك يا أدم ؟ 


تعليقات

  1. it so goodd but please take it easy on themm,keeppp going plus pleasee stay active and post the new parts sooner im so obssesed and addicted to this story<33

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفصل 12 من رواية الابنة المزيفة

الفصل 13 من رواية الابنة المزيفة

الفصل 14 من رواية الابنة المزيفة