الفصل 22من رواية الابنة المزيفة



" و كأن خسارة عائلتي لم تكن كافية حتى أخسرك أنت أيضا  " 

في صباح اليوم التالي 

كان أدم متيبسا في مكانه ، لم يتحرك قيد نملة ، عندما أتت الطبيبة صباحا كانت مذهولة أنه مزال هناك ، يحدق بها و كأن حياته كلها تعتمد على ذلك ، حيته باحترام بينما رد هو بهزة برأسه ، و راقبها و هي تتفحص علامتها الحيوية ، خرجت الطبيبة و وجدته أمامها مثل الجدار ، هز رأسه مشيرا اليها بأن تتكلم ، رطبت شفتيها في محاولة لصياغة ما ستقوله : الأنسة لازالت في مرحلة حرجة ، تحتاج مزيدا من الوقت ... 

صحح لها فورا : أولا الأنسة هي زوجتي  ، تشيرين اليها بسم السيدة مديتشي ، ثانيا أريد أن أدخل لأراها 

شعرت الطبيبة أنها ان لم توافق ، فهو لن يتردد لحظة في اقتحام الغرفة ، لذلك هزت رأسها موافقة و أملت عليه بعض النواهي التي يجب أن يمتنع عنها سلامة للمريضة ، فقد اطمئنت قليلا حين عرفت أنها زوجته ، لكنها محاولة انتحار و الأكيد أنه هناك سببا ورائها ، قبل أن تذهب الطبيبة قالت بنبرة رسمية : سيدي ، اذا تبقى لديك قليل من الوقت ، مر الى مكتبي هناك ما أود مناقشته معك بخصوص حالة السيدة ميديتشي 

هز أدم رأسه موافقا ، و أشار لها بالمغادرة فغادرت بدون اضافة أي كلمة ..

كانت خطواته نحو سريرها بطيئة للغاية ، و كأن جسده يرفض أن يتحرك اتجاهها و هي في هذه الحالة ، بل أن عقله لم يتوقف عن لومه على ما حصل لها ، ضميره الذي ظن أنه دفنه مع جثث عائلته مزال حيا ، هي فقط من باستطاعتها احيائه ، هي فقط من جعلته يحس بطعم بالحياة ، نزل على ركبتيه بجانب سريرها ، تأمل تلك الملامح الرقيقة ، حتى في هذه الحالة تبدوا فاتنة من نوع أخر 

همس لها بضعف : ليلة ، أنا ...أنا أسف

تنهد بمرارة قائلا : أتعلمين أني لم أكن أحس بشيء سوى الغضب قبل أن تدخلي حياتي ، لا شيء سوى الغضب ، كنت غاضبا من نفسي ، من عائلتي ، من حياتي ، لم أنزعج يوما من ذلك الغضب فهو من جعلني انا ، و هو من حماني من الموت مرات عديدة لكن  أنت كنت الشيء الوحيد الذي لم أستطع أن اغضب منه ، حتى ان أردت كنت أجد نفسي لينا معك .. 

كنت أرى ذلك ضعفا ، و انا أكره أكون ضعيفا ، لكن معكي نسيت ذلك ، منحني ذلك الضعف سكينة لم تزرني طيلة عشر سنوات  

لقد أضحيتي كالدم في عروقي ، لم أتوقع أن أحب يوما ، لقد هجرني الحب في بداية شبابي ، و لو أتوقع ان احب فتاة أصغر مني ب 
14 سنة ، لكني احببتك و احتاجك نفس احتياجي الى التنفس ، انت نفسي يا ليلة ، ابقي معي ، لا ترحلي .. 

انحنى بجدعه و قبل يدها برقة متناهية ، اغرقت دموعه يدها ، و لم يرى حركة جفنيها و كأنها تتفاعل بأسى بما حدثها 

----------------------------------------------------------------------

خرجت من عندها و عزم على الذهاب الى مكتب الطبيبة ، الا أنه تلقى اتصال من صديقه يخبره بوجود تحرك غريب خارج قصره ، و قد أبلغه بذلك أحد قائد الحرس بعد أن فشلوا في الوصول اليه ، لقد أرسل حرس أخرين للقصر و تبين أن الحركة ما هي الا عمال و قد تأكد من هوياتهم  ، اخبره أدم بايجاز بحالة ليلة ، ليقول له ألكس: حسنا ، هل تود أن أترك المكان و أتي اليك ؟ 

أجابه أدم بالنفي : كلا ، ابقى في مكانك ، و احرص على خوان جيدا ، فقد تحاول زوجته تهريبه ...فمدام قد اصابه جنون العظمة حين ظن أنه بإمكانه التخلص مني ...لا أشك بأن زوجته تلك مثله وقد تتجرأ على تهريبه ... 

قال ألكس بعملية :ليس جنون العظمة بل جنون البقرو لكن انت اخبرتني انها  لم تظهر أي مشاعر اتجاهه حين ساومتك على حياته مقابل ابنتها 

غضب أدم بشدة و قال بحدة تعكس تملكه الشديد  : ليست ابنة أحد الأن ، هي زوجتي فقط ، هذا ما هي عليه الأن و ما ستكون عليه لبقية حياتها .. 

صدم ألكس من غيرة أدم و تملكه الشديد للفتاة ، ليقول له : هون عليك يا رجل ، هي زوجتك و هذا لا جدال فيه ، اهدأ و أخبرني ماذا ستفعل الأن ... 

قال له أدم بنبرة رسمية و هو يحاول ضبط نفسه : سوف .... سوف اذهب الى القصر أطمئن على ابنتي و أعود الى المستشفى .. الى زوجتي .... ارسل لي حراسة جيدة من أجل البقاء معها ...

------------------------------------------------------------

دخل مايكل الى تلك الغرفة التي تقبع بها سيلفيا قائلا : لدي أخبار جيدة و سيئة ، بما تودين البدأ ؟ 

ضيقت سيلفيا عينيها مستفهمة ما يحدث فشأر اليها بأن تختار ، قالت بحيرة : لنبدأ بالاخبار الجيدة 

ابنتك ليست في القصر ، و انا أعلم أين هي ؟ و اعتقد اننا بامكاننا استعادتها .... 

وقفت من مكانها و احتضنته بسعادة غامرة و قالت بحماس : أين هي ؟ اخبرني . 

زم شفتيه في أسف و قال :  تلك الاخبار السيئة ، انها في المستشفى ، و وضعها سيء نوعا ما .. لقد حاولت الانتحار .. 

جحظت عينا سيلفيا و هوت ارضا الا ان مايكل امسكها و سارع الى اجلاسها قائلا بثقة : هي لا تزال حية ، لا تخافي ...هناك ممرضة تتولى رعايتها و قد قمت باعطاء مبلغ جيد لها كي تساعدنا على اخراجها من هناك ... 

تلك الكلمات افاقت سيلفيا من حالة الصدمة التي انتبتها لتقول بخوف : ماذا لو حصل لها شيء خلال نقلها الى هنا ؟ ماذا لو ساءت حالتها أو تضاعفت  ؟ هذه مخاطرة كبيرة يا مايكل ، لا يمكنني المجازفة بحياة ابنتي هكذا 

شد مايكل على يدها : سوف تنقل في سيارة اسعاف ، سوف أقوم بتحويل غرفة كاملة الى غرفة للعناية المركزة في ظرف ساعات قليلة و سوف تكون تحت اشراف و رعاية أفضل الاطباء في ميلانو ، فكري جيدا يا سيلفيا لن تأتي فرصة ذهبية كهذه ، فنحن لن نستطيع اقتحام قصره بسبب الاتفاقية التي بين العائلتين ... 

فكرت سيلفيا للحظات و قالت بحزم  : حسنا ، و لكن عليك أن تكون حذرا ، لأنه اقسم ان حصل لها شيء سيء أنت من سوف يدفع الثمن يا مايكل ، و لن أتردد لحظة واحدة في فعل ذلك .. 

هز مايكل رأسه بالموافقة على كلامها و تركها كي يبدأ في مخططه ... لكن كان هناك شيء اضافي لم يخبر به سيلفيا و هو انه يخطط للتخلص من أدم حسب أوامر والدها ، روبيرتو ...

---------------------------------------------

كان مايكل يشرح للممرضة للمرة الأخيرة ما يجب عليها فعله  و قد كان داخل سيارة اسعاف بجانب المستشفى ومعه طبيب و ممرضة أخرى كي يتولا رعاية ليلة ، لتقول هي له بجشع : أنا أخاطر بحياتي و مهنتي من أجلك يا هذا ، اتمنى أن يكون المبلغ جيدا ... 

أكد لها مايكل ذلك بقوله : لا تخافي ، سوف تحصلين على ما تريدنه ضعف ما أخدته سلفا بعد ان تسلميني الفتاة 

ابتسمت له برضا عن ما قاله ، لم يخطر ببالها المصير الذي ينتظرها بعد أن تقوم بذلك  ، خرجت من سيارة الاسعاف و  سارت بحذر داخلة الى المستشفى ، اقتربت من غرفة ليلة و اشار اليها أحد الحراس بالتوقف ، لتقول له برسمية : انا هنا من أجل أخد المريضة للقيام بأشعة أخرى 

نظر الحارس الى بقية زملائه و قال للممرضة : لكن لم يتم اعلامنا عن القيام بأي أشعة  ، لذلك السيدة سوف تبقى في الداخل .. 

زفرت الممرضة في ضيق : الأشعة تقام بشكل دوري من أجل المتابعة ، لا يمكننا تأجليها ، ماذا لو كان وضعها خطيرا و ستدعي تدخل طبي ... 

شعر الحارس بالضياع فهو مكلف بابقائها بأمان ، و لكن ايضا صحتها مهمة ، أخرج الحارس هاتفه و قال : حسنا ، سوف أتصل بالسيد و ... 

قاطعته الممرضة و هي تدفعه كي تدخل عند ليلة قائلة : ممتاز بامكانه الاتصال به و نحن الطريق ، هيا ساعدني في جر سريرها 

توتر الحارس و اعاد هاتفه الى مكانه و امسك بطرف السرير بينما الممرضة قامت بامساك الجانب الاخر ، اشار الحارس الى البقية بالبقاء بجانب الغرفة تحسبا لرجوع أدم ، و ذهب هو مع ليلة و الممرضة ، هذه الاخيرة التي ما ان اقتربوا من قاعة الأشعة حتى طلبت منه البقاء خارجا ، حاول الدخول الا أنها منعته ، رضخ لها رغم عدم اقتناعه بهذه بتصرفات هذه الممرضات ، قام بتناول هاتفه و الاتصال برئيسه ، الا أنه لم يكن يجيب كرر الفعلة مرات عديدة الا أنه أدم لم يرد .... 

قامت الممرضة بتغطية ليلة مباشرة بغطاء أبيض يخفي كل ملامحها و اخرجتها من الباب التانية للقاعة ، و التي تقع على الجهة التانية للرواق ، كانت تمشي بخطوات متسارعة و هي تدعوا الله ان يكون ذلك الحارس ورائها 

و بالفعل استطاعت الوصول الى الباب الخلفي بدون أي معوقات ، ما ان رأها مايكل حتى ذهب اليها و ساعدت الممرضة التي كانت معهم في نقل ليلة الى سيارة الاسعاف و باشر كل من الممرضة و الطبيب توصيلها بالاجهزة مباشرة ... 

شاهد مايكل ما يفعلونه عن قرب ، ثم احس بشيء يلكزه ، و اذا بها تلك الممرضة واقفة أمامه تطالبه بامولاها ، اشار مايكل الى أحد الرجال ، الذي قام بتكميم فم الممرضة الى أن اغمي عليها ، ليهمس له مايكل بنبرة خالية من الرحمة : اقتلها و تخلص منها .. 

تولى مايكل القيادة بسعادة شديدة ، فالجزء الأول من خطته قد نجح جيدا ، بقي فقط أمر واحد ، ان يتخلص من أدم ذلك و ننتهي من هذا الموضوع ... 

--------------------------------------------------------------

سارعت ماريا الى أحضان والدها التي استقبلها بحب شديد ، فقالت له بعتاب : أين كنت ؟ لم أنم طيلة الليل و انا انتظرك ، ظننت أن مكروها قد حصل لك ... 

قبل جبهتها بحنان شديد قائلا : لقد طرأ عندي عمل مهم و اضطررت الى المبيت خارج البيت ... 

ضيقت ماريا عينيها في تكذيب : هل هذا يعني أنك لم تكن تقضي وقتا جيدا مع زوجتك ، و نسيت أمري تماما ؟ 

هز رأسه بالنفي : يتستحيل أن انسى أمرك ، أنت كل ما بقي لي .. 

عضت ماريا شفتيها قائلة : لازالت أمي موجودة ... 

فكر قليلا ثم قال : اعتقد اننا يجب أن نتحدث بشأن أمك مرة أخرى ، فقط امنحني بضعة أيام لأنتهي من كل هذا .. و ربما أستطيع احضارها الى هنا ..

زفرت ماريا في ضيق ، فهي قد سئمت من وعود والدها  قائلة : حسنا ... انت تقول لي هذا منذ وقت طويل ... لكني سوف أصدقك هذه المرة أيضا ... 

قبل رأسها مجددا ، و قال لها بحب : مدام أنك لم تنامي ، ما رأيك أن أبقى معك الى أن تخلدي الى النوم ؟ 

هزت ماريا رأسها بسعادة كبيرة : موافقة ... موافقة جدا 

احتضنها بينما يسيران نحو غرفتها و سألها : كيف هي المربية الجديدة ؟ 

قالت ماريا بملل : لا بأس بها ، أبي انا فتاة كبيرة لا أحتاج الى مربية ، استطيع أن اطبخ و انظف و اعتني بنفسي جيدا ، لم أعد طفلة صغيرة .. 

شد على كتفها قليلا : بل أنت طفلتي الصغيرة  و سوف تظلين طفلتي الى الأبد ، ثم أني أحب تدليلك يا حلوتي ، كما أنها سيدة لطيفة  ، اعتقدت أنك سوف تفرحين بها و سوف تسلي وحدتك ... 

نظرت اليه بنظرة ذات معنى : انت تعلم جيدا ما سوف يسلي وحدتي 

دفعها نحو غرفتها بعد أن فقد الأمل أمام عنادها ، هي بالتأكيد ابنته ، فهذا العناد لا يتصف به الا عائلة ميديتشي ...

-------------------------------------------

وصل سيارة الاسعاف الى قصر ال دالاس ، خرجت سيلفيا على عجل كي ترى ابنتها ، بينما ظل روبيرتو يراقب كل شيء من الداخل و كأن المسكينة التي بالخارج ليست حفيدته 

كان الطبيب و الممرضة قد قاما بانزال سرير ليلة ، لتلقي سيلفيا نظرة عليها و تقول بحزن : صغيرتي ماذا فعل بك ذلك الوحش ؟ 

قال الطبيب بعملية : سيدتي يجب علينا ادخالها بسرعة ، اشارت له بيدها الى الباب : بالتأكيد هيا بسرعة

سارت أمامهم بينما تبعوها في صمت ، الا أن مايكل بقي في الخارج ، نظر الى أحد النوافذ و رأى روبيرتو يشير له بتنفيذ ما بقي من الخطة .... 

هز مايكل رأسه و انصرف ، لم يحب هذا الاخير اخفاء مثل هذا الأمر عن سلفيا فهي مثل شقيقته و أكثر ، لكنه رأى بعينيه مدى تأثرها بحالة ابنتها لذلك فضل ابقاء ذلك سرا ...

وقف في مبنى يطل على المستشفى ، فهو يمنحه مكانا استراتيجيا للقنص بضحيته ، قام بتركيب سلاحه ، و الأن عليه أن ينتظر فقط ..

لم يدم انتظاره كثيرا ، فهو أدم قد وصل ، خرج من سيارته و هو يتفقد ، لبدأ مايكل في تحديد هدفه في منتصف جسمه ، و وضع يده على الزناد ، و بدأ الضغط عليه بطريقة بطيئة ، الى أن انطلقت الرصاصة .... 

------------------------------------------------------------------- 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفصل 12 من رواية الابنة المزيفة

الفصل 13 من رواية الابنة المزيفة

الفصل 14 من رواية الابنة المزيفة